الإمام المهديّ عجّل الله (عج)
ثم اعلم يا بُنيّ - أطال الله بقاءك ومتعك بالنظر إلى وجه حجته على خلقه وبقيته في أرضه - أن إمامك المهدي الموعود هو آخر الأئمة الأطهار الذين بشر بهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) والقادة الميامين من بعده وهو الذي سيخرج من بعد غياب طويل ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، وهو الذي سيعيد الحق إلى نصابه ويقطع دابر المتكبرين وهو الذي تـزهو السماء عند ظهوره وتخضر الأرض عند خروجه. وقد روى ابن عباس أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: «إن خلفائي وأوصيائي وحجج الله على الخلق بعدي اثنا عشر أولهم أخي وآخرهم ولدي، قيل يا رسول الله ومن أخوك؟ قال: علي بن أبي طالب، قيل: فمن ولدك؟ قال: المهدي الذي يملأها قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، والذي بعثني بالحق نبياً لو لم يبقَ من الدنيا إلاّ يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج فيه ولدي المهدي فينـزل روح الله عيسى ابن مريم (عليه السلام) فيصلي خلفه وتشرق الأرض بنوره ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب»( ).
وقد قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) في شأن ولده المهدي (عجل الله فرجه الشريف): «للقائم منا غيبة أمدها طويل، كأني بالشيعة يجولون جولان النعم في غيبته، يطلبون المرعى فلا يجدونه، ألا فمن ثبت منهم على دينه لم يقسُ قلبه لطول أمد غيبة إمامه فهو معي في درجتي يوم القيامة..»( ).
وقال سيد الشهداء الإمام الحسين (عليه السلام):
«لو لم يبقَ من الدنيا إلاّ يوم واحد لطول الله عزّ وجلّ ذلك اليوم حتى يخرج رجل من ولدي فيملأها عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً، كذلك سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله»)( ).
وروى أبو حمزة الثمالي فقال: كنت عند أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام) ذات يوم فلما تفرّق من كان عنده قال لي: يا أبا حمزة من المحتوم الذي حتمه الله قيام قائمنا، فمن شك فيما أقول لقي الله وهو به كافر، ثم قال: بأبي وأمي المسمى باسمي والمكنى بكنيتي السابع من بعدي [مَن] يملأ الأرض عدلاً [وقسطاً] كما ملئت ظلماً وجوراً، يا أبا حمزة من أدركه فيسلم له ما سلم لمحمد وعلي فقد وجبت له الجنة، ومن لم يسلم فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وبئس مثوى الظالمين»( ).
وروى أبو بصير أن إمامنا أبا عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) قال: إن سنن الأنبياء (عليهم السلام) بما وقع بهم من الغيبات حادثة في القائم منا أهل البيت حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة، قال أبو بصير فقلت لـه: يا ابن رسول الله وَمَن القائم منكم أهل البيت؟
فقال: «يا أبا بصير هو الخامس من ولد ابني موسى، ذلك ابن سيدة الإماء يغيب غيبة يرتاب فيها المبطلون ثم يظهره الله عزّ وجلّ فيفتح الله على يديه مشارق الأرض ومغاربها وينـزل روح الله عيسى ابن مريم (عليه السلام) فيصلي خلفه وتشرق الأرض بنور ربها ولا تبقى في الأرض بقعة عبد فيها غير الله عزّ وجلّ إلاّ عبد الله فيها، ويكون الدين كله لله ولو كره المشركون»( ).
وروى دعبل بن علي الخزاعي فقال: أنشدت مولاي علي بن موسى الرضا قصيدتي التي أولها:
مدارس آيات خلت من تلاوة ومنـزل وحي مقفر العرصات
فلما انتهيت إلى قولي:
خروج إمام لا محالة خارج --- يميز فينا كل حق وباطل
يقوم على اسم الله والبركات ---- ويجزي على النعماء والنقمات
بكى الرضا (عليه السلام) بكاءاً شديداً ثم رفع رأسه إليَّ فقال لي: يا خزاعي نطق روح القدس على لسانك بهذين البيتين، فهل تدري من هذا الإمام ومتى يقوم؟ فقلت: لا يا مولاي، إلاّ أني سمعت بخروج إمام منكم يطهر الأرض من الفساد ويملأها عدلاً كما ملئت جوراً، فقال: «يا دعبل بعدي محمد ابني وبعد محمد ابنه علي وبعد علي ابنه الحسن وبعد الحسن ابنه الحجّة القائم، المنتظر في غيبته المطاع في ظهوره فيملأها عدلاً كما ملئت جوراً، وأما متى؟ فإخبار عن الوقت، ولقد حدثني أبي عن أبيه عن آبائه عن علي (عليه السلام) أن النبي (صلى الله عليه وآله) قيل له: يا رسول الله متى يخرج القائم من ذريتك؟
فقال: مثله مثل الساعة لا يجليها لوقتها إلاّ هو ثقلت في السموات والأرض لا تأتيكم إلاّ بغتة»( ).
وقد سئل إمامنا أبو محمد الحسن بن علي العسكري عن الخبر الذي روي عن آبائه (عليهم السلام) "أن الأرض لا تخلو من حجة لله على خلقه إلى يوم القيامة وأن من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية [فقال (عليه السلام): إن هذا حق كما أن النهار حق، فقيل له: يا بن رسول الله فمن الحجّة والإمام بعدك؟ فقال: ابني محمد وهو الإمام الحجّة بعدي، من مات ولم يعرفه مات ميتة جاهلية] أما إن له غيبة يحار فيها الجاهلون ويهلك فيها المبطلون ويكذب فيها الوقاتون ثم يخرج، فكأني أنظر إلى الأعلام البيض تخفق فوق رأسه بنجف الكوفة»( ).
علامات الظهور
ثم اعلم يا ولدي ثبّتك الله بالقول الثابت - أنه قد ذُكرت آيات وعلامات كثيرة لظهور مولانا الإمام المهدي (روحي لتراب مقدمه الفداء) منها ما هو محتوم ومنها ما هو مشروط، ولا أستطيع أن أحيط في هذه العجالة بكل ما ورد في ذلك فعليك بمراجعته في محلّه، ولكن سأذكر لك إحدى تلك الروايات الواردة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) وهي حاوية لأكثر العلامات تقريباً، فقد روي أن صعصعة بن صوحان سأل الإمام علياً (عليه السلام) عن زمان خروج الدجال، فقال (عليه السلام):... احفظ: فإن علامة ذلك إذا أمات الناس الصلاة وأضاعوا الأمانة واستحلوا الكذب وأكلوا الربا وأخذوا الرُّشا وشيدوا البنيان، وباعوا الدين بالدنيا، واستعملوا السفهاء، وشاوروا النساء، وقطعوا الأرحام واتبعوا الأهواء واستخفوا بالدماء. وكان الحلم ضعفاً والظلم فخراً وكانت الأمراء فجرة والوزراء ظلمة والعرفاء خونة والقرّاء فسقة وظهرت شهادات الزور واستعلن الفجور وقول البهتان والإثم والطغيان. وحلّيت المصاحف وزخرفت المساجد وطوّلت المنائر وأكرم الأشرار وازدحمت الصفوف واختلفت الأهواء ونقضت العهود واقترب الموعود وشارك النساء أزواجهن في التجارة حرصاً على الدنيا وعلت أصوات الفساق واستُمِعَ منهم، وكان زعيم القوم أرذلَهم، واتُّقيَ الفاجر مخافة شرّه وصدق الكاذب وأؤتمن الخائن، واتخذت القيان والمعازف، ولعن آخر هذه الأمة أوَّلها، وركب ذوات الفروج السروج، وتشبه النساء بالرجال والرجال بالنساء، وشهد شاهد من غير أن يستشهد وشهد الآخر قضاءاً لذمام بغير حق عرفه، وتفقه لغير الدين، وأثروا عمل الدنيا على الآخرة، ولبسوا جلود الضأن على قلوب الذئاب، وقلوبهم أنتن من الجِيَف، وأمرُّ من الصبر فعند ذلك الوحا الوحا، العجل العجل، خير المساكن يومئذ بيت المقدس ليأتين على الناس زمان يتمنى أحدهم أنه من سكانه»( ).
وقد ذُكرَت بعض الأمور الأخرى كعلامات لظهوره (عجل الله فرجه الشريف) نقلها علماؤنا في كتبهم المصنفة لذلك ككتاب إكمال الدين للشيخ الصدوق وكتاب الغيبة للشيخ الطوسي وغيرهما حيث ذكروا فيها تفاصيل الأمور التي تحدث عند ظهوره (عج) كالنداء من السماء والخسوف والكسوف في غير وقتهما وخروج السفياني وقتل النفس الزكية وغير ذلك.
ســــــــــلامي لكم ...